...وجدت نفسي فجأة أسقط علي الأرض....وجدت جسدي باردا كالثلج أصفرا كرمال الصحراء...

كنت جالسا معه,أحدثه, أشكو له, أشربه من كأس معاناتي,أبوح له بما يختلج في قلبي

الذي يتسارع نبضه حتى كاد أن يشق ضلوعي وكأنما ضاق بمكانه وبما هو فيه كما ضقت بدنياي ومأساتي,

فلكم تمنيت أن أشق السماء إلي فضاء رحب واسع غير هذه الدنيا الكئيبة كما يحاول هو أيضا أن يشق

ضلوعي الواهنة الضعيفة التي طحنتها الحياة ليخرج من هذا الجسد الذي استوطنه الحزن والأسى.

كنت جالسا معه أحدثه بكل هذا الكلام, وبينما أنا أحدثه أراه يحرك شفتيه يفتحهما ويغلقهما, يضمهما ويفرجهما

بكلام يشبه كلامي ولكن بلا صوت فلم أكن أسمع سوي صوتي وصوتي فقط, كنت أراه يتفاعل تفاعلاتي

ويسكن سكناتي, أراه يشير حين أشير , وأري صدره يعلو ويهبط حين أتنهد, أري عينه تدمع حين أبكي,

وأراه يتأوه حين أتأوه, ولكم أحببت ذلك منه وشكرته عليه, لكني أبدا لم أسمع إجابة, فقط صوتي!!!!!!

وبينما نحن كذلك قربت كوبين من الشاي كنت قد أعددتهما لنا, فكنت أنظر إليه وأنا أرشف من كوبي فأراه هو أيضا

يشرب من كوبه في حركة متوافقة متناسقة وكأننا نفس الشخص, لكم راقني ذلك
فكررتها مرة ومرتين وثلاث فكنت أرشف شايي وأراه في نفس اللحظة يشرب من
كوبه.

وفجأة وقعت عيني علي صينية الشاي فوجدت كوبه كما هو لم ينقص بمقدار قطرة , ساورني الشك,

أخذت أسأله , كيف ...؟ لقد كنت تشرب معي فكيف لم ينقص كوبك, ولكن كالعادة رأيت شفته تتحرك بكلامي

ولكن بلا صوت, فرفعت كوبي وأمسكت الكوب الآخر بيدي الأخرى ونظرت إليه لأري إن كان هناك كوبا ثالثا

يشرب فيه, فوجدته هو أيضا يمسك كوبين في يديه ,,,, عندئذ وضعت الكوبين من يدي فأنزل هو الآخر كوبيه من يديه,

وأخذت أحملق فيه وأمعن النظر وأخذت أتفحصه بعين حائرة متسائلة, فوجدته هو
أيضا ينظر إلي, يمعن في النظر, يتفحصني بعين حائرة متسائلة أيضا,

مددت يدي إليه لألمسه لأعلم ما يكون, وحينها وجدت يده أيضا تمتد إلي وكأنما هو الآخر يريد أن يلمسني ليعلم ما أكون,

اقتربت يدانا جدا ولكن لم نتلامس !! نعم لم ألمس يده وإنما لامست سطحا
مستويا ليس به تعاريج أو تضاريس أحسست فيه برودة عرفتها لطالما كانت تبعث
في قشعريرة لم أحبها أبدا.

عندئذ أدركت أنني وحدي وأنها كانت المرآة وأن هذا الشخص لم يكن سوي انعكاس صورتي بها,

أحسست حزنا شديدا يعتصرني عصرا وكأن الدنيا كلها قد أطبقت علي صدري فلم أعد أستطيع أن أتنفس ,

أحسست جسدي كله يرتجف ,أحسست قدمي لا تستطيع أن تحملني أكثر من ذلك,خارت قواي,

وجدت نفسي فجأة أسقط علي الأرض , أحسست وكأنه لم تبقي في جسدي قطرة دم واحدة,

وجدت جسدي كله باردا كالثلج أصفرا كرمال الصحراء, وأنا بين هذا كله تتصارع برأسي الأفكار والأسئلة,

أغير الحزن والبؤس ملامحي إلي هذا الحد ؟ كيف وصلت إلي هذه الدرجة؟

كيف استسلمت لآلامي إلي هذا الحد ؟ كيف.............؟ كيف..................؟ كيف......................؟

أسئلة كثيرة أخذت تدور بخاطري قبل أن أفقد الوعي وأدخل في تلك الإغماءة التي اعتدتها كل ليلة بعد أن

أنهي حديثي هذا مع المرآة , فلا أفيق إلا وحرارة الشمس تحرق جسدي الملقي علي الأرض,

فأفيق لأنتظر مسائي البائس الذي أجده يأتي إلي مسرعا بلا رحمة,فأصبحت حياتي إغماءة

أفيق منها لأدخل في التي تليها.

هكذا أرادتني الحياة, إذا فليكن ما يكون وليكن للحياة ما أرادت.

موضوع في قمة الروعه

شكرااا لك

متميز كالعاده
موضوع حلو كتير و رائع متل صاحبة ...وجدت نفسي فجأة أسقط علي الأرض....وجدت جسدي باردا كالثلج أصفرا كرمال الصحراء... 42756

شكرا لكم على المرور الرائع .

العفو

هههههههههه ...وجدت نفسي فجأة أسقط علي الأرض....وجدت جسدي باردا كالثلج أصفرا كرمال الصحراء... Icon_tongue

» لمـاذا نشعـر بالصـداع عنـدمـا نقـف فجأة ؟